إذا لم يلعب ميسي جيدا ، فهناك شيء ما في محيطه لا يسير بالشكل الصحيح ، ميسي لاعب فريد من نوعه و لن يتكرر. يجب أن يوفر النادي له اللاعبين المناسبين و الجو المثالي حتى لايشعر بالملل”. من خلال هذه العبارات لبيب غوارديولا ، الذي شهدت فترة تدريبه للبلوغرانا حالة توهج غير عادية للاعب ، يمكننا أن نبدأ في تحليل ما يحدث لميسي.
■■ في الفترة التي قضاها غوارديولا في برشلونة ، اكتشف مبكرا ان ميسي لاعب من نوعية خاصة وسيكون مفتاح نجاحات برشلونة ، فجعله نقطة محورية وقام ببناء فريق قوي من حوله.
■■ “ميسي يبتسم ، كل شيء سهل” هكذا يقول الفيلسوف الاسباني ، وهكذا و ضع موهبة ميسي على الطريق الصحيح ، لتتفجر و تقود برشلونة الى مرحلة استثنائية في تاريخ النادي ، في قالب جماعي قدم النجم الارجنتيني في افضل صورة للعالم.
■■ مشكلة ميسي هي برشلونة و ليست مشكلة برشلونة هي ميسي ـ بناء فريق قوي لا يمكن ان يكون بالاعتماد فقط على لاعب واحد ، جودة الافراد مهمة جدا ، لكن الاعتماد على لاعب واحد بدرجة كبيرة يجعل اسلوب اللعب ذي بعد واحد ، ويسهل التنبؤ به في ظل افتقاده لعنصر المفاجأة ، من المهم جدا ان يتوفر اي فريق قوي في العالم على لاعبين بجودة عالية ، يقدمون الدعم اللازم لنجم الفريق و يجعلون اسلوب اللعب متنوع و اكثر دينامكية.
■■ في الموسم الأول لغوارديولا كان لديه إيتو ، وهنري ، الى جانب ميسي ، ثلاثي تقاسم غلة اهداف الموسم بالتساوي تقريبا 36 و 26 و 38 على التوالي لكل لاعب ، فيما سجل بويان وتشافي 10 اهداف أيضا ، ليحقق الفريق ثلاثية تاريخية غير مسبوقة.
■■ في الموسم الموالي 2009 /10 غادر إيتو و تعاقد الفريق مع إبراهيموفيتش ، غلة الاهداف لم تقسم بالتساوي كما في الموسم السابق ، سجل ميسي 47 ، و زلاتان 21 ، وبيدرو 23 ، وبويان 12 هدفا ، فاز الفريق بالدوري الاسباني ، و عجز عن الوصول الى نهائي دوري ابطال اوروبا ، واعتبرت صفقة زلاتان فاشلة لأنه حاول الاستيلاء على مركز ميسي. غوارديولا اختار النجم الارجنتيني و احرق جسور التواصل مع السويدي.
ليونيل ميسي يعانق المدرب بيب غوارديولا (Getty Images)ليونيل ميسي يعانق المدرب بيب غوارديولا (Getty Images)
■■ في موسم 2010ـ11 وجد الفريق التوازن الهجومي مرة اخرى ، بعد ضم دافيد فيا ولعبه الى جانب بيدرو و ميسي ، في اقوى فاعلية لخطة 4ـ3ـ3 ربما على مر التاريخ ، بوجود بوسكيتس ، تشافي ، و انيستا في خط الوسط ، ثلاثي اعطي الكمال التكتيكي لأسلوب لعب النادي الكتالوني من الناحية الفنية و التقنية. ميسي لعب كـ 10 وهمي بحرية اكبر واصبح هداف وصانع لعب ، امام انسلالات فيا وبيدرو من الخلف الى الامام على الرواقين. ميسي سجل في ذلك الموسم 53 هدفا ، فيا 23 ، و بيدرو 22.
■■ في موسم 2011/2012 بدأت بوادر ازمة خطيرة على مستقبل برشلونة ، لم يسجل اي لاعب في برشلونة بخلاف ميسي اكثر من 20 هدفا ، فابريغاس ، تشافي ، بيدرو ، الكسيس.. كلهم عجزوا عن تخطي حاجز 20 هدفا ، في حين لم يسجل فيا بدوره سوى 9 اهداف بسبب الاصابة ، بينما تخطى ليونيل حاجز 73 هدفا لتكون هنا نقطة التحول. برشلونة فقد التوازن و الجماعية في الاداء ، و بالتالي بدأ يفقد جزء كبير من فاعليته ، ميسي اصبح نقطة محورية في كل شيء.
■■ بالعودة للموسم الجاري لا يوجد اي لاعب اخر في برشلونة لحد الان تجاوز حاجز 20 هدفا ، ميسي لديه 33هدفا. ما احاول شرحه بالاحصائيات السابقة هو ان ميسي بدون دعم لاعبين مثل هنري ، و إيتو ، و فيا ، و بيدرو ، وتشافي وانيستا.. ، لن يكون بنفس نجاعته الهجومية السابقة.
■■ تراجع اداء ميسي يعود بالاساس الى توقف برشلونة عن بناء فريق قوي من حوله ، و منحه السلطة الكاملة لفرض سيطرته على الفريق ، حيث يبدو أكثر أهمية من الفريق نفسه ، فأصبح اللاعبون يخشون عدم إعطائه الكرة ، و المدربون لا يجرؤون على اجلاسه على دكة الاحتياط مهما تراجع مستواه.
■■ هذه البيئة غير الصحية في برشلونة هي الحد الفاصل بين نجاح اي فريقه او فشله ، كرة القدم لعبة جماعية لاعب واحد لا يمكنه قيادة الفريق بمفرده نحو الالقاب ، منتخب اسبانيا فاز بنهائيات كأس العالم ، و كأس الامم الاوروبية مرتين لكونه منتحب متكامل وجماعي ، و ميسي طبعا لم يكن جزءآ من هذا النجاحات ، لذلك نادي برشلونة ان لم يكن حذرا سوف يصبح نسخة اقرب لمنتخب الأرجنتين من منتخب اسبانيا ، بوضعه الكثير من المسؤولية على أكتاف صاحب الرقم 10.
■■ برشلونة الان امام خيارين الاول اعادة بناء فريق قوي حول ميسي و الانفاق بسخاء اكبر لتعزيز الخطوط الثلاثة ، او بيع اللاعب في ظل قيمته الخيالية في سوق اللاعبين و استثمار المبلغ في بناء فريق جديد و تخفيض ديون النادي.. ، امر يعارضه العديد من عشاق الفريق ، لكن برشلونة اكبر من اي لاعب ، الفريق عبر تاريخه تخلى على لاعبين عظماء كـ روماريو ، و رونالدو ، و ريفالدو ، ورونالدينيو ، و إيتو.. دون معاناة. ربما ميسي هو الذي سيعاني ان خرج من برشلونة ، اللاعب متشبع بثقافة الكرة الشاملة وتم تكوينه وفقا لثقافة كروية واسلوب لعب خاص ، القلق سيكون حول قدرته على ” التكيف ” مع اي أسلوب لعب جديد.